الرحمة العظيمة، كم هو عذب ذلك الصوت
الذي أنقذ معذبا مثلي
كنت في حين ضائعاً، والآن وجدت نفسي
كنت أعمى لكنني الآن أبصر
خلال المخاطر الكثيرة، العناء وكمائن الحياة
هي الرحمة التي أنقذتنا لحد الآن
وهي الرحمة التي ستبلغنا أوطاننا
صحبتني هذه الأنشودة الرائعة طوال رحلة عودتي من الولايات المتحدة الى الكويت، والتي كانت لتلبية الدعوة الكريمة لاتحاد الطلبة- فرع أميركا لحضور مؤتمرهم السنوي الذي أذهلني تنظيمه وأنشطته وفعالياته الرائعة لآخر درجة. وقبل أن تهب رياح الاتهامات لمحبتي لتلك الأغنية ذات الروحانية المسيحية، أؤكد أنني من عشاق الروحانيات الموسيقية بشتى «توجهاتها»، فحفظت «أهلاً رمضان» للعفاسي بلغاتها الثلاث وخصوصاً بالفرنسية الرقيقة، وغنيت «كوكو» لنزار القطري التي عادة ما أتوقف عن إنشادها قبل أن تأتي على ذكر جيش المهدي الذي لا أظن موضوعه مناسبا كثيراً لأغنية أطفال. «الرحمة العظيمة» على أنغام الموسيقى رققت نفسي التي كانت ضائعة ووجدتها على طريق عودتي للوطن الرحيم. لا أدري ما المصاب تحديداً، لكنني لم أعد أقوى على البعد كثيراً، وأصبحت مشاعري مرهفة زيادة عن اللزوم ودمعتي أسرع مما ينبغي في أيام البعد. أعتقد أن لهذه الحالة المحرجة نوعاً ما وغير المتسقة مع المنطق وتوازن المشاعر، عددا من الأسباب قد يكون من بينها التقدم في العمر، أو المشاهدة المستمرة للأفلام العربية والهندية، أو المتابعة المستفيضة للأداء النيابي لسعدون العتيبي.
وبما أنني لا آتي الثانية وأتجنب الثالثة بكل ما أوتيت من قوة، وليس لي أي رغبة في مناقشة الأولى، فإنني لا أعرف سبباً لحالة الحساسية النفسية المفرطة تلك. وقد زاد الطين بلة أن تصادف أن كان حجزي على خطوط غير الخطوط الجوية الكويتية، فكان لغير طائرتي الزرقاء أثر ثلجي مضاعف على قلبي. فما إن ولجت بوابة المغادرة في مطار الكويت، حتى اجتاحتني غربة طرقت رأسي بأنني لست على طائرتي الكويتية، فصغُر حجمي وانزويت في كرسيي على عكس تبجحي وانشكاحي عندما أكون على طائرة بلدي، حيث أشعر أنني أمتلك جزءاً من الطائرة، ولي الأحقية بأن أفرد طولي وأتمطط في كرسيي بكل ثقة. مع ذلك، مرّ الوقت سريعاً لتشوقي لرؤية طلبة أميركا وفعاليتهم وبصحبة الدكتور عبدالله الطريجي الذي تصادف وجوده على ذات الرحلة فملأها مساحات شاسعة خضراء بامتداد ملعب كرة القدم الذي يعشقه بشدة.
عند الوصول، استقبلني طلبتنا مرحبين بلهجة كويتية لم يفقدوها مع سنوات اغترابهم، فامتلأت نفسي سعادة، وغمرتني رائحة بخور وهيل خيالي، وأنا أدخل معهم الفندق الذي تتوسط مدخله حاملة إعلان عليها صورة مكبرة لشاب كويتي بالغترة.. أخيراً، أنا في موطني بعد تغرب على تلك الطائرة الباردة لساعات عدة. قضيت ثلاثة أيام، سآتي على ذكرها في مقال قادم، كانت من أجمل وأغنى أيام حياتي، وقفلت عائدة لأرض الوطن الذي، بالرغم من الحفاوة الكويتية التي تلقيتها في قلب لوس أنجيليس، صدَع قلبي بعده. صعدت الطائرة الباردة ذاتها وقد عاودتني غربتي وشعوري بالضآلة والانكماش. تذكرت أيام الدراسة والرحلات المكوكية بين أميركا والكويت، حيث كانت وسيلة مواصلاتنا الوحيدة هي الخطوط الجوية الكويتية، فتساءل قلبي أين المضيفون السمر الذين يستقبلوننا بـ «حياكم الله» الكويتية المحنكة؟ أين الأبراج الثلاثة الزرقاء تتهادى على البحر الأبيض لقاطع الطائرة الفاصل بين درجاتها المختلفة، أين رائحة «العيش» بالزعفران التي تهب عليّ أول صعودي طائرتي الكويتية؟ أين دعاء الركوب الذي أصبح جزءا من تقليد الطيران الكويتي؟ أين اللون الأزرق الخلاب على حوائط الطائرة وعلى زي مضيفيها المزركش؟
ترقرقت دموعي وامتلأ حلقي بغصة خنقتني، فأدرت الآي بود طالبة الرحمة العظيمة أن تبلغني وطني وتدفئ قلبي بروائحه وأهله وشوارعه وزحامه، وأنا ألعن الزمن الذي زعزعني من بعد تماسك.
الخلاصة من هذا المقال الهذياني هو أن انقذوا الكويتية، أنقذوا طائرنا الأزرق الدافئ، فهو يقطع غربتنا، ويقرب مسافاتنا، ويأتي لنا برائحة الكويت، وعبق لهجتها، ووسامة سمرتها، حيث نطلبها في بقاع الدنيا المختلفة. أنقذوا الكويتية، فالتحليق على غير متنها الأزرق غربة فادحة في فضاء مرعب، فقط زرقتها تدفئنا على ارتفاع ثلاثين ألف قدم. أيتها الرحمة العظيمة.. أنقذي الكويتية.
آخر شي:
محاولة الحكومة الالتفاف على الاستجوابات دليل إدانة، وصعود الحكومة المنصة بارقة براءة، سنصفق للحكومة صعودها أياً كانت نتائجه، فاعتلاء «لمسرح» مرهب ويستحق التصفيق بحد ذاته. الحكومة حكومتنا، نتمنى تبرئة ساحتها، ونتمنى، كذلك انكشاف أخطائها ومحاسبتها، والتبرئة والمحاسبة لن يتأتيا الا بالصعود، فمتى تصعدون ونصعد؟؟
الذي أنقذ معذبا مثلي
كنت في حين ضائعاً، والآن وجدت نفسي
كنت أعمى لكنني الآن أبصر
خلال المخاطر الكثيرة، العناء وكمائن الحياة
هي الرحمة التي أنقذتنا لحد الآن
وهي الرحمة التي ستبلغنا أوطاننا
صحبتني هذه الأنشودة الرائعة طوال رحلة عودتي من الولايات المتحدة الى الكويت، والتي كانت لتلبية الدعوة الكريمة لاتحاد الطلبة- فرع أميركا لحضور مؤتمرهم السنوي الذي أذهلني تنظيمه وأنشطته وفعالياته الرائعة لآخر درجة. وقبل أن تهب رياح الاتهامات لمحبتي لتلك الأغنية ذات الروحانية المسيحية، أؤكد أنني من عشاق الروحانيات الموسيقية بشتى «توجهاتها»، فحفظت «أهلاً رمضان» للعفاسي بلغاتها الثلاث وخصوصاً بالفرنسية الرقيقة، وغنيت «كوكو» لنزار القطري التي عادة ما أتوقف عن إنشادها قبل أن تأتي على ذكر جيش المهدي الذي لا أظن موضوعه مناسبا كثيراً لأغنية أطفال. «الرحمة العظيمة» على أنغام الموسيقى رققت نفسي التي كانت ضائعة ووجدتها على طريق عودتي للوطن الرحيم. لا أدري ما المصاب تحديداً، لكنني لم أعد أقوى على البعد كثيراً، وأصبحت مشاعري مرهفة زيادة عن اللزوم ودمعتي أسرع مما ينبغي في أيام البعد. أعتقد أن لهذه الحالة المحرجة نوعاً ما وغير المتسقة مع المنطق وتوازن المشاعر، عددا من الأسباب قد يكون من بينها التقدم في العمر، أو المشاهدة المستمرة للأفلام العربية والهندية، أو المتابعة المستفيضة للأداء النيابي لسعدون العتيبي.
وبما أنني لا آتي الثانية وأتجنب الثالثة بكل ما أوتيت من قوة، وليس لي أي رغبة في مناقشة الأولى، فإنني لا أعرف سبباً لحالة الحساسية النفسية المفرطة تلك. وقد زاد الطين بلة أن تصادف أن كان حجزي على خطوط غير الخطوط الجوية الكويتية، فكان لغير طائرتي الزرقاء أثر ثلجي مضاعف على قلبي. فما إن ولجت بوابة المغادرة في مطار الكويت، حتى اجتاحتني غربة طرقت رأسي بأنني لست على طائرتي الكويتية، فصغُر حجمي وانزويت في كرسيي على عكس تبجحي وانشكاحي عندما أكون على طائرة بلدي، حيث أشعر أنني أمتلك جزءاً من الطائرة، ولي الأحقية بأن أفرد طولي وأتمطط في كرسيي بكل ثقة. مع ذلك، مرّ الوقت سريعاً لتشوقي لرؤية طلبة أميركا وفعاليتهم وبصحبة الدكتور عبدالله الطريجي الذي تصادف وجوده على ذات الرحلة فملأها مساحات شاسعة خضراء بامتداد ملعب كرة القدم الذي يعشقه بشدة.
عند الوصول، استقبلني طلبتنا مرحبين بلهجة كويتية لم يفقدوها مع سنوات اغترابهم، فامتلأت نفسي سعادة، وغمرتني رائحة بخور وهيل خيالي، وأنا أدخل معهم الفندق الذي تتوسط مدخله حاملة إعلان عليها صورة مكبرة لشاب كويتي بالغترة.. أخيراً، أنا في موطني بعد تغرب على تلك الطائرة الباردة لساعات عدة. قضيت ثلاثة أيام، سآتي على ذكرها في مقال قادم، كانت من أجمل وأغنى أيام حياتي، وقفلت عائدة لأرض الوطن الذي، بالرغم من الحفاوة الكويتية التي تلقيتها في قلب لوس أنجيليس، صدَع قلبي بعده. صعدت الطائرة الباردة ذاتها وقد عاودتني غربتي وشعوري بالضآلة والانكماش. تذكرت أيام الدراسة والرحلات المكوكية بين أميركا والكويت، حيث كانت وسيلة مواصلاتنا الوحيدة هي الخطوط الجوية الكويتية، فتساءل قلبي أين المضيفون السمر الذين يستقبلوننا بـ «حياكم الله» الكويتية المحنكة؟ أين الأبراج الثلاثة الزرقاء تتهادى على البحر الأبيض لقاطع الطائرة الفاصل بين درجاتها المختلفة، أين رائحة «العيش» بالزعفران التي تهب عليّ أول صعودي طائرتي الكويتية؟ أين دعاء الركوب الذي أصبح جزءا من تقليد الطيران الكويتي؟ أين اللون الأزرق الخلاب على حوائط الطائرة وعلى زي مضيفيها المزركش؟
ترقرقت دموعي وامتلأ حلقي بغصة خنقتني، فأدرت الآي بود طالبة الرحمة العظيمة أن تبلغني وطني وتدفئ قلبي بروائحه وأهله وشوارعه وزحامه، وأنا ألعن الزمن الذي زعزعني من بعد تماسك.
الخلاصة من هذا المقال الهذياني هو أن انقذوا الكويتية، أنقذوا طائرنا الأزرق الدافئ، فهو يقطع غربتنا، ويقرب مسافاتنا، ويأتي لنا برائحة الكويت، وعبق لهجتها، ووسامة سمرتها، حيث نطلبها في بقاع الدنيا المختلفة. أنقذوا الكويتية، فالتحليق على غير متنها الأزرق غربة فادحة في فضاء مرعب، فقط زرقتها تدفئنا على ارتفاع ثلاثين ألف قدم. أيتها الرحمة العظيمة.. أنقذي الكويتية.
آخر شي:
محاولة الحكومة الالتفاف على الاستجوابات دليل إدانة، وصعود الحكومة المنصة بارقة براءة، سنصفق للحكومة صعودها أياً كانت نتائجه، فاعتلاء «لمسرح» مرهب ويستحق التصفيق بحد ذاته. الحكومة حكومتنا، نتمنى تبرئة ساحتها، ونتمنى، كذلك انكشاف أخطائها ومحاسبتها، والتبرئة والمحاسبة لن يتأتيا الا بالصعود، فمتى تصعدون ونصعد؟؟
يعنى ايه هو انتى عشان تدافعى عن حقوق الانسان تتخلى عن الدين وبعدين اساس حقوق اى انسان نابعه عن الدين معنى كلامك ان رأيك وراى اغلدين ممكن يختلفوا فى مسالة حقوق الانسان انا مش قادر اصدق يعنى انتى هتفهمى احسن من الانبياءوكلام الخالق عز وجل انتى امرأه فاسقه تدعوا الى الفساد
ردحذفحسبى الله ونعم الوكيل والله المفروض انتى يقيمو عليكى الحد بس على فكره دى مش حريه ومش من حقك انك تخالفلى الدين والعقيده وتقولى انا حره فى رأييى
تعليق رقم 1 علاقتة بفكرة المقال التي تفضلت بها الدكتورة ابتهال كعلاقة الكريمة البيضاء بالبيتزا، لا ادري مامناسبة ذكر حقوق الانسان والانبياء والدعوة لأقامة الحد على هذه العصفورة المحلقة في سماء الحرية، ربنا يحفظج يا ابتهال لكل من يغليج من هل عقبان الي حولج.
ردحذف--
انتابني شعور بالحنين الغير مبرر لوطني رغم اني به عند قراءتي للمقال، ودغدغني فضحكت في الجزء المتعلق بانشودة او لطمية او اياً كانت لجيش المهدي، ثم اني ابتسمت بمناسبة ذكر ابناء الكويت في امريكا واخيرا تجهم وجهي وعقد حاجباة على ذكر الاستجوابات، إلى ان شعرت بالامل في النداء الاخير، فكان الامل خير عزاء.
كل هذه المشاعر الانسانية انتابتني في مقال واحد، ثم فجأة وبعد شعوري بالامتنان لكاتبة المقال على تاثيرها في، اجد من يدعو لقيام الحد عليها، حدوك باصين بخط لين تنقلب.
شكرا