الجمعة، 29 يناير 2010

ماما.. أريد أن أدرس في أميركا

«من علّم الشمس أين تسطع في الصباح؟
ومن أخبر المحيط ألا يتقدم أكثر مما يفعل؟
ومن بيّن للقمر أين يختبئ إلى أن يحين المساء؟
كلمات وحدها تستطيع أن تحتضن شهابا لامعا.
أنا أعلم أن مخلّصي يعيش
أنا أعلم أن مخلّصي يعيش
كل الأحياء تشهد
هذه الحياة بداخلي تصرخ
أنا أعلم أن مخلصي يعيش»
أيتها الصغيرة، أو تعلمين أنك مخلّصتي، أتعلمين أنك تمسحين خطاياي وتستحضرين خلاصي؟ أنت يا صاحبة الضفائر، ضفائر سوداء بعمق الليل، طويلة بطول قوس قزح، أنت يا جميلة.. أتعلمين أين كان أول يوم في حياتك؟ على صدري، تتدفئين، تأخذين حرارة جسمي وتتركينني أكثر حرارة، هذا الرجل ذو الرداء الأبيض أخبرني أن حرارتك منخفضة، أنت ترتجفين، أمرنا أن نتخلص من أقمشتنا وأن نلتصق، أخذتك إلى قلبي وأخذت أنت قلبي، تدفأت وحييت وعشت تعصرينني كل يوم، تنكمش أضلعي بعد أن فرغ قفصي الصدري من قلبي، وأنت تكبرين، كل يوم جميل، كل يوم صعب، كل يوم طويل، كل يوم سريع، أنت تكبرين، تطهّرني حياتك، أصفح عن نفسي كلما نظرت في وجهك، يسامحني خالقي ويطهرني من ذنوبي عندما تبتسمين.. عندما تبكين، أنت صلاتي، أنت اعترافي، أنت الدنيا والآخرة، فأين تذهبين؟ لماذا تتركين سنوات الأمان؟ من سيفهم خطو قدميك؟ من سيعشق أخطاءك بقدر نجاحاتك؟ إلام تسعين وأنا أعرض عليك حياتي ومماتي، جنتي لك إن كان لي جنة، ونارك أستعر أنا فيها لو قدرها لك الخالق أبداً. ابقي أرجوك، سنة أخرى أو سنتين أو ثلاثا، احتاجيني أرجوك، مرة واحدة أخيرة أو مرتين أو ثلاثا، اطلبي مني أن ألعب معك، تعلقي بثوبي حين خروجي، احتضنيني، مرّغي أنفك في فستاني، مرة أخيرة اطلبي مساعدة في الواجب، آخر مرة.. اطلبي مني أن أساعدك في تزرير ثوبك.. آخر مرة. بحق تلك الليالي والأيام، بحق الضحكات والدموع، بحق قلبي الذي استكان بجانب قلبك، احتاجيني، اطلبي سندويشة أو كأس حليب ساخن، ابكي إلحاحاً من أجل لعبة، حلفتك يا مخلصتي.. اطلبي واحتاجي، انتظرت عمري، سنوات شبابي كي أتعدى طلباتك واحتياجاتك، وها أنا أكتشف أنني لا أعرف كيف أعيش دونهما. يداك تشهد وشكل عينيك وسواد شعرك، كلها تشهد أن مخلصتي تعيش، وستعيش بعدي طويلاً، ستحررني من آثامي وتنقي قلبي، تطهرني بالألم، بالفراق، وبحياة تنفصل، وبحب حارق يتصل.
كيف أعتذر من أمي لأنني كبرت، لأنني انفصلت، كم أنا قاسية.. خائنة، ولكن الجزاء من جنس العمل، واليوم دوري. أيا مخلصتي، ابقي يوماً أخيراً.. طفلتي.

هناك تعليق واحد: